الدكتورة ريم الأنصاري تتحدث عن الأخطاء الطبية في حوارات «TEDx Dilmun» العالمية في نسختها الأولى
Arabian Gulf University
24 Nov, 2025
تحدثت رئيسة مركز المهارات الطبية والمحاكاة بجامعة الخليج العربي، الأستاذ المساعد في التعليم الطبي بكلية الطب والعلوم الصحية، الدكتورة ريم الأنصاري، في حوارات «TEDx Dilmun» العالمية التي تُقام للمرة الأولى في مملكة البحرين، بمشاركة واسعة من شخصيات مؤثرة من البحرين والمنطقة والعالم، يتصدرهم سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب.
ناقشت الفعالية أربعة محاور رئيسية: الاستكشاف، الاكتشاف، النمو، والتفاعل. وأوضحت الدكتورة الأنصاري أن الأخطاء الطبية ليست أمراً محتومًا، بل هي دروس بالغة الأهمية يمكن التعلم منها قبل أن يدفع المرضى ثمنها، مشددة على أن «المحاكاة الطبية» تمثل اليوم خط الدفاع الأول لمنع تلك الأخطاء وإنقاذ الأرواح.
وأوضحت أن الاعتقاد السائد ان الأخطاء الطبية جزء مؤسف لكنه «طبيعي» من ممارسة المهنة، خصوصًا بين الكوادر الشابة في بيئات الضغط الشديد هو اعتقاد خاطئ وقالت: "لحظة واحدة على سرير العناية المركزة قد تغيّر حياة مريض أو تنهيها".

واستعرضت موقف في وحدة العناية المركزة، إذ كاد خطأ بسيط في ترتيب إعطاء الأدوية أن يتسبب بمأساة، لولا تدارك الفريق للموقف في اللحظات الأخيرة. وأضافت أن مثل هذه الأخطاء كثيرًا ما تُسجّل في تقارير رسمية دون حوارات و مناقشات دقيقة أو تعلّم عميق، وهو ما دفعها لإعادة التفكير في منظومة التدريب الطبية برمتها. وأشارت إلى أن أحدث تقديرات منظمة الصحة العالمية تكشف عن وفاة ثلاثة ملايين شخص سنويًا بسبب الرعاية الصحية غير الآمنة، وهو رقم وصفته بأنه «يعادل سقوط طائرة مكتملة الركاب كل ساعة.. ومع ذلك ما زلنا نعتبره طبيعيًا».
وأكدت الأنصاري أن الحل يبدأ باعتماد التدريب بالمحاكاة، وهي بيئة تعليمية آمنة يتم فيها إعادة تمثيل الحالات السريرية الحرجة باستخدام دمى وأجهزة متخصصة، دون أن يتعرض المرضى لأي خطر. وقالت إن قوة المحاكاة لا تكمن في السيناريو نفسه او في المعدات و الأجهزة المتقدمة فقط، بل في مرحلة «the debriefing» بعده، حيث يجري تفكيك سلوك الفريق ومراجعة القرارات بطريقة خالية من اللوم.
وأضافت أن منهجية «الطرح مع الفضول» (Advocacy-Inquiry)، التي تعتمد على الجمع بين توضيح الملاحظة وطرح الأسئلة، تُعد من أهم أدوات بناء هذا الفهم، لأنها تسمح بالنقاش المفتوح بعيدًا عن الإدانة، وتحوّل الأخطاء إلى فرص تعلم حقيقية. وأوضحت أن نجاح هذه المنهجية يتطلب بيئة من الأمان النفسي داخل الفريق، بحيث يشعر كل فرد بأنه قادر على الكلام، والتساؤل، والاعتراض، حتى على قرارات رؤسائه، دون خوف من التبعات.
وبيّنت أن مستويات الأمان النفسي - من الشعور بالانتماء، إلى القدرة على طرح الأسئلة، ثم المشاركة، وأخيرًا تحدّي القرارات - هي ما يصنع الفرق بين فريق قد يمنع الخطأ قبل وقوعه، وآخر يسمح له بالمرور إلى المريض. وأكدت أن «ثقافة السؤال بدلاً من الاتهام» هي جوهر الرعاية الصحية الآمنة، وهي ما يحوّل المحاكاة من تدريب جامد إلى ثقافة مؤسسية تنقذ الأرواح. واختتمت الدكتورة الأنصاري كلمتها بالتأكيد على أن الانتقال من الإدانة إلى الفضول هو جوهر التعلّم في المحاكاة، وأنه من دون هذا التحوّل الذهني يفقد التدريب بالمحاكاة قيمته الحقيقية. وأوضحت أن هذا النهج لا يصنع فقط فرقًا في جودة الرعاية وسلامة المرضى، بل هو أيضًا قلب الفرق الآمنة… وفي الحقيقة، هو قلب الإنسانية ذاتها.
